كتاب الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفا

الفيل (¬1)، خرج مع عمه أبي طالب إلى الشأم، حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرا -واسمه جرجيس (¬2) -فعرفه بصفته، فقال وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة (¬3)، لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان (¬4) إلا لنبي، وإنا نجده في كتبنا. وسأل أبا طالب أن يردّه خوفا عليه من اليهود (¬5).
وخرّج الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، أن في هذه السفرة أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله عليه الصلاة والسلام، فاستقبلهم بحيرا، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: إن هذا النبي خارج في هذا الشهر. فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، فقال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه، هل
¬_________
(¬1) يعني تاريخ خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام، وانظر هذا القول في تاريخ دمشق قسم السيرة 1/ 10، وإمتاع الأسماع 1/ 8، وقال المسعودي 2/ 310، وأبو عمر 1/ 34: ثلاث عشرة دون ذكر اليوم والشهر.
(¬2) هكذا في الجميع، ويؤيده ما أثبته الصالحي في السبل 2/ 195 عن الإشارة والزهر. وهو موافق لاسم النبي جرجيس عليه السلام، وفي مروج الذهب 1/ 72 (سرجس). ونقلها عنه السهيلي 1/ 205، والصالحي 2/ 195، بينما ذكرها الحافظ عن المسعودي في الإصابة عند ترجمة بحيرا كما أثبتها المؤلف، والله أعلم. وأما (بحيرا) فرسمت هكذا بألف ممدودة، كما رسمت بألف مقصورة، وفي القاموس: بحيرى: اسم. وهكذا ضبطها صاحب المواهب 1/ 187 بألف مقصورة.
(¬3) هكذا في (1) وهو ما عليه المصادر كما سوف أخرج، وفي (2) و (3): حين أشرفتم (به) من العقبة.
(¬4) في (1): ولا (يسجدن)، وعند أبي نعيم: ولا (يسجد)، وفي المستدرك: ولا (تسجد) ويؤيد ما أثبته: رواية الترمذي، والله أعلم.
(¬5) هذا الكلام هو من رواية الترمذي وأبي نعيم والحاكم كما سوف أخرج.

الصفحة 76