كتاب الموقظة في علم مصطلح الحديث

في الحديث الواحد: فيوماً يَصِفُه بالصحة، ويوماً يَصِفُه بالحُسْن، وَلَرُبَّما استَضْعَفَه!
وهذا حقٌّ، فإنَّ الحديثَ الحَسَنَ يَستضعفه الحافظُ عن أن يُرَقِّيَه إلى رُتبةِ (¬1) الصحيح. فبهذا الاعتبارِ فيه ضَعْفٌ مَّا، إذْ الحَسَنُ لا ينفكُّ عن ضَعْفٍ مَّا. ولو انفَكَّ عن ذلك، لصَحَّ باتفاق.
وقولُ الترمذيّ: (هذا حديثٌ حسَنٌ، صحيح) عليهِ إشكال: بأن الحَسَن قاصِرٌ عن الصحيح، ففي الجمع بين السَّمْتَيْنِ لحديثٍ واحدٍ مُجاذَبَة! وأُجيبَ عن هذا بشيء لا ينَهض أبداً، وهو أنَّ ذلك راجعٌ إلى الإسناد: فيكون قد رُوي بإسنادٍ حسن، وبإسنادٍ صحيح. وحينئذٍ لو قيل: (حسن، صحيح، لا نعرفه إلاَّ مِن هذا الوجه) ، لبَطَلَ هذا الجواب!
وحقيقةُ ذلك - أن لو كان كذلك - أن يقال: (حديث حَسنٌ وَصحيح) . فكيف العَملُ في حديثٍ يقول فيه: (حسَنٌ، صحيحُ،
¬__________
(¬1) - في (ش) : "مرتبةُ" بزيادة ميم، وهو مخالف للأصل.

الصفحة 29