كتاب أحاديث في الفتن والحوادث ط القاسم

فتنبت فتروح عليهم سارحتهم1, أطول ما كانت ذرًا, وأسبغه ضروعًا وأمده خواصر2, ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين3, ليس بأيديهم شيء, من أموالهم ويمر بالخربة, فيقول لها: أخرجي كنوزك, فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل4, ثم يدعو رجلًا ممتلئًا شبابًا فيضربه بالسيف, فيقطعه جزلتين, رميةً الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم صلى الله عليه وسلم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين5.
واضعًا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر, وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ6, فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات, ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد7, فيقتله ثم يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم قومًا قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم8 ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو ذلك إذ أوحى الله عز وجل إلى عيسى عليه السلام إني قد أخرجت عبادًا لي, لا يدان لأحد بقتالهم9, فحرز عبادي إلى الطور10،
__________
1 السارحة: هي الماشية التي تسرح، أي تذهب أول النهار إلى المرعى، والذرا: الأعالي والأسمنة، وأسبغة: أي أطوله لكثرة اللبن.
2 أمده خواصره: لكثرة امتلائها من الشبع.
3 أي أصابهم المحل، من قلة المطر، ويبس الأرض من الكلأ.
4 هي ذكور النحل.
5 أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران.
6 المراد ينحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفائه.
7 بلدة قريبة من بيت المقدس.
8 يحتمل أنه أشارة إلى كشف ما هم فيد من الشدة والخوف.
9 قال العلماء معناه: لا قدرة ولا طاقة.
10 أي ضمهم واجعله لهم جزراً.

الصفحة 58