كتاب الاستخراج لأحكام الخراج

بالسبب ظاهر ومما يدل على تخصيص آية الغنيمة بالمنقولات أن الله تعالى خص هذه الأمة باباحة الغنيمة كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة.
والذي خصت باباحته هو المنقولات دون الأرض فان الله تعالى أورث بني إسرائيل أرض الكفار وديارهم ولم يكن ذلك ممتنعا عليها لأن الأرض ليست بداخلة في مطلق الغنيمة وإنما كان ممتنعا عليهم المنقولات ولهذا كانوا يحرقونها بالنار. وانما خص الغانمون من هذه الأمة بالمنقولات دون الأرض لأن قتالهم وجهادهم لله عز وجل لا للغنيمة وانما الغنيمة رخصة من الله تعالى ورحمة بهم فخصوا بما ليس له أصل يبقى وأما ماله أصل يبقى فانه يكون مشتركا بين المسلمين كلهم من وجد منهم ومن لم يوجد بعد ذلك ويبين هذا أن الله تعالى نسب الغنيمة للغانمين فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} فأما الأرض فاضافها الى الرسول لقوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} إشارة إلى أن كل قرية يفيئها الله على أمته الى يوم القيامة فهي مضافة الى الرسول غير مختصة بالغانمين والامام يقول مقام الرسول في قسمتها بالاجتهاد وقوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} من الأرض خاصة. وقد صح عن عطاء بن السائب والحسن البصري وغيرهما من السلف انهم قالوا الأرض فيء وإن أخذت بقتال وتقدم ذكر ذلك عن جماعة من العلماء يدل على ذلك انه جعلها لثلاثة أصناف المهاجرين والانصار ومن جاء بعدهم من المسلمين وهذا لا يمكن في المنقولات قطعا لأن المنقولات تستهلك ويختص به من يأخذه فلا يمكن اشتراك جميع المسلمين فيه.
وقد قيل ان هذه الآية نزلت في قرى عرينة التي فتحت على النبي صلى الله عليه وسلم أو فيها وفي قرى بني قريظة والنضير وحنين وقيل بل الآية تعم كل

الصفحة 30