كتاب جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية (اسم الجزء: 2)

الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء- فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه تنقص بحق ربوبيته وإلهيته وتوحيده وظن به ظن السوء؛ وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده؛ ويمنع في العقول والفطر؛ وقبحه مستقر في العقول السليمة فوق كل قبح؛ ويوضح هذا أن العابد معظم لمعبوده متأله له خاضع ذليل له والرب تبارك وتعالى وحده هو الذي يستحق كمال التعظيم والإجلال والتأله والخضوع والذل؛ وهذا في خالص حقه؛ فمن أقبح الظلم أن يعطى حقه لغيره ويشرك بينه وبينه فيه ولا سيما إذا كان الذي جعل شريكه في حقه هو عبده ومملوكه؛ كما قال تعالى:
{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الروم: 28] ؛ أي إذا كان أحدكم يأنف أن مملوكه شريكه في رزقه فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء فيما أنا منفرد به وهي:
الإلهية التي لا تنبغي لغيري ولا تصلح لسواي؛ فمن زعم ذلك فما قدرني حق قدري ولا عظمني حق تعظيمي ولا أفردني بما أنا منفرد به وحدي دون خلقي فما قدر الله حق قدره من عبد معه غيره كما قال تعالى

الصفحة 592