كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 26)

الشرح:
قد سلف في العليا والسفلى أقوال، وأن أصحها: العليا: المعطية، والسفلى: السائلة، وليس كل مسئول يكون أفضل من سائل؛ فقد سأل موسى والخضر أهل قرية أن يطعموهما، وقال - عليه السلام -: "هو لها صدقة ولنا هدية".
وقوله: (هذا من كيس أبي هريرة). أي: من قوله، يعني: تقول المرأة إلى آخره. وفي رواية للنسائي: فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: "امرأتك تقول: أطعمني وإلا فارقني". الحديث (¬1).
واحتج به من يرى الفسخ بالإعسار، وهو مالك والشافعي، خلافًا لأبي حنيفة (¬2).
واختلف في الأجل في مقداره عند المالكية، هل هو شهر أو ثلاثة أيام ونحوها، إلا أن تكون تزوجته فقيرًا تعلم حاله، فلا فسخ إذًا (¬3).
وقد قال تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6]، وفي إمساكها، والحالة هذِه ضرر، ولا شك أن النفقة في مقابلة الاستمتاع، بدليل النشوز، وكما أن لها مفارقته بالإيلاء والعنة، فكذا هنا.
وقوله: ("ما كان عن ظهر غنى") قيل: المعنى: ما ساق إلى المعطى غنى، وفيه نظر، بل المراد ما لم يجحف بالمعطي، أي: ما سهل عليه، يؤيده الحديث السالف: "أفضل الصدقة ما تَرَكَ غنى".
¬__________
(¬1) "السنن الكبرى" 5/ 385 (9211).
(¬2) انظر: "مختصر الطحاوي" ص (223)، "الموطأ" ص (364)، "الأم" 5/ 96، "الهداية" 2/ 322.
(¬3) انظر: "المنتقى" 4/ 131.

الصفحة 15