كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 26)

وقال أبو حنيفة وأصحابه: أي: الرضاع والكسوة والرزق، إذا كان ذا رحم محرم، وقال: {الْوَارِثِ}: المولود (¬1).
ومعنى: {مِثْلُ ذَلِكَ}: أي: مثل الذي كان على والده من رزق والدته (وكسوتها) (¬2) بالمعروف إن كانت من أهل الحاجة وهي ذات زمانة، ولا احتراف لها ولا زوج، وإن (كان) (¬3) من أهل الغنى والصحة فمثل الذي كان على والده لها من الرضاعة، وهذا اختيار ابن جرير، وقال: إنه الظاهر ولا يكون غيره إلا بحجة (¬4).
وقول أبي حنيفة في تفسيره ليس في القرآن، ولا قاله أحد من المتقدمين.
ونقل ابن عبد الملك عن مالك أن هذِه الآية منسوخة (¬5)، وفسرها الشافعي بالكسوة والنفقة على الزوج، وتشتغل بولدها لئلا يظن الظان أنها تشتغل به عن الزوج.
وقال الداودي: في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} أي: أن يعطيها أجرة مثلها وأبت على أن تأخذ أجرة مثلها، ودعا كل واحد إلى أكثر
¬__________
(¬1) انظر "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 405 - 407 بتصرف.
(¬2) في الأصل: وكسوته.
(¬3) كذا بالأصل وفي "تفسير الطبري" 2/ 519: (كانت).
(¬4) "تفسير الطبري" 2/ 518 - 519.
(¬5) نقله ابن العربي في "أحكام القرآن" 1/ 205 عن ابن القاسم عن مالك، ثم قال: وهذا كلام تشمئز منه قلوب الغافلين، وتحار فيه ألباب الشادين والأمر فيه قريب؛ لأنا نقول: لو ثبتت ما نسخها إلا ما كان في مرتبتها، ولكن وجهه أن علماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون التخصيص نسخا، لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم ومسامحة، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل على من بعدهم، وهذا يظهر عند من ارْتاض بكلام المتقدمين كثيراً. اهـ.

الصفحة 35