كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 26)

حديث ابن سيرين وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، وكأنّ أبا هريرة فهم أن البعير من الإبل فقط، وليس كذلك بل تكون أيضًا حمارًا قال تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] قال ابن خالويه: لم يكن إخوة يوسف ركبانًا إلا على أحمرة، لم يكن عندهم إبل تحملهم في أسفارهم وشبهها على الأحمرة. وكذا قال مجاهد: البعير هنا الحمار (¬1)، وهي لغة، حكاه الكواشي (¬2).
ومراد أبي هريرة أن هذا الحديث لا يؤخذ منه أن القريشات أفضل من مريم؛ لأنها لم تركب بعيرًا قط، والشارع قال: "خير نساء ركبن الإبل" ذكره ابن التين.
وفي هذا الحديث تفضيل نساء قريش على سائر العرب لمعنيين: أحدهما: الحنو على الولد والتهمم بأمره وحسن تربيته واللطافة به.
ثانيهما: حفظ ذات اليد وعون الزوج على دهره، وبهما تفضل المرأة عند الله وعند رسوله. وكذلك يروى عن عمر أنه مدح المرأة التي تعين على الدهر ولا تعين الدهر عليك (¬3) وقال الحسن في تفسير هذا الحديث: الحانية: التي لا تتزوج ولها ولد، وهو من الحنو والعطف والشفقة.
¬__________
(¬1) "تفسير مجاهد" 1/ 318.
(¬2) هو أحمد بن يوسف بن الحسين بن الحسن بن رافع الكواشي، أبو العباس موفق الدين الضرير الموصلي الشافعي توفي سنة ثمانين وستمائة من تصانيفه: "تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن"، "تلخيص التفسير"، "روضة الناضر وجنة المناظر"، "كتاب الوقوف".
انظر ترجمته في: "هداية العارفين" ص 51.
(¬3) رواه ابن أبي شيبة 3/ 554 (17141).

الصفحة 48