وقال الشافعي: ذبح الجنين تنظيف وإن لم يفعل فلا شيء عليه (¬1)، وقد صح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد، وصححه ابن حبان (¬2)، وله عشر طرق أخرى هذا أمثلها.
وأما الطحاوي فقال: لما اختلفوا في ذلك نظرنا هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء أم لا؟ فوجدنا أبا سعيد روى عنه - صلى الله عليه وسلم - من طريق ضعيف: "ذكاة الجنين ذكاة أمه" ولا نسلم له، ومن حديث جابر بن عبد الله مثله (¬3)، وقد طعن فيه قوم، فنظرنا هل روي عن أحد من الصحابة في ذلك شيء؟ فوجدنا أبا إسحاق قد روى عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه -؛ وأيوب، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنهما قالا ذلك، ولا نعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافًا لما رويناه عنهما.
وفي حديثهما: "إذا أشعر" (¬4). فكان ذلك مما يعلم به قوم فرقوا بين حكمه إذا أشعر وإذا لم يشعر، ولم يكن للتفرقة بينهما وجه في القياس.
¬__________
(¬1) "الأم" 2/ 197.
(¬2) أحمد 3/ 39، وابن حبان 13/ 206 - 207 (5889). ورواه أيضًا أبو داود (2827)، والترمذي (1476)، وابن ماجه (3199). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(¬3) رواه أبو داود (2828)، والدارمي 2/ 1260 (2022)، والحاكم 4/ 114، وقال: صحيح على شرط مسلم. وصححه الألباني في "الإرواء" (2539).
(¬4) رواه الطبراني في "الأوسط" 8/ 26 (7856)، والحاكم 4/ 114 كلاهما من طريق وهب بن بقية، ثنا محمد بن الحسن، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن إسحاق إلا محمد بن الحسن، تفرد به وهب بن بقية. وقال الهيثمي في "المجمع" 4/ 35: فيه ابن إسحاق، وهو ثقة، لكنه مدلس، وبقية رجال "الأوسط" ثقات.