كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمرِو بْنِ الْعَاصِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَال: أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقَال لَهُ عَبْدُ الله: أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأوي إِلَيهَا؟ قَال: نَعَمْ. قَال: أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَأنْتَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ. قَال: فَإنَّ لِي خَادِمًا. قَال: فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ
ــ
والباء عبد الله بن يزيد المعافري المصري، ثقة، من (٣) روى عنه في (٨) أبواب (يقول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص) بن وائل القرشي السهمي الشامي رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته (و) قد (سأله رجل) من المسلمين، لم أر من ذكر اسمه (فقال) ذلك الرجل لعبد الله (ألسنا) نحن (من فقراء المهاجرين) هو سؤال تقرير وكأنه سأل شيئا من الفيء الذي قال الله تعالى فيه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} فكأنه قال: ألسنا من الفقراء المهاجرين المستحقين أن يأخذوا من الفيء اهـ من المفهم (فقال له) أي للرجل (عبد الله) بن عمرو (ألك امرأة تأوي) وتسكن (إليها) أي عندها (قال) الرجل (نعم) لي امرأة (قال) عبد الله (ألك مسكن تسكنه؟ قال) الرجل (نعم) ليس مسكن أسكنه (قال) عبد الله للرجل (فأنت) أيها الرجل (من الأغنياء) لا من الفقراء. أفاد القرطبي ما حاصله أن عبد الله بن عمرو لم يرد أن من له زوجة ودار لا يستحق الأخذ من الفيء، ولم يرد أيضًا أن من له زوجة ودار لا يكون مهاجرا وإنما رد عليه تسمية نفسه فقيرا مهاجرا وإدخاله نفسه في الجماعة الذين تحملوا من المتاعب ما لم يتحمله السائل فذكر أن فضائل الفقراء المهاجرين إنما حصلت لأولئك الذين لم يكن لهم أهل ولا دار كما كان أصحاب الصفة في أول الأمر وكأنه آنس من السائل شيئًا من عدم الالتفات إلى النعم التي أنعم الله تعالى عليه به فأراد تذكيره بذلك وتوجيهه إلى ما يجب عليه من الشكر والله أعلم (قال) الرجل (فإن لي خادما) أيضًا (قال) عبد الله (فأنت) إذا (من الملوك) قال القرطبي: هو إغياء لا حقيقة إذ لا يسلبه الخادم اسم الفقر اهـ، قال القاري في المرقاة [١٠/ ٢٠] ولعله اقتبس هذا الكلام من قوله تعالى: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} على ما رواه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} قال: الزوجة والخادم، وزاد ابن جرير عنه: وكان الرجل من بني إسرائيل إذا كانت له الزوجة والخادم والدار يسمى ملكًا اهـ.

الصفحة 386