كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ -وَأَحْسِبُهُ قَال- وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ؛ وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ"
ــ
ثقة، من (٧) (عن ثور بن زيد) الديلي المدني، ثقة، من (٦) روى عنه في (٥) أبواب (عن) سالم (أبي الغيث) القرشي العدوي مولاهم مولى عبد الله بن مطيع بن الأسود المدني، ثقة، من (٣) روى عنه في (٥) أبواب (عن أبي هريرة) - رضي الله عنه -. وهذا السند من خماسياته (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الساعي) أي الكاسب العامل (على الأرملة والمسكين) القائم بمؤنتهما والمتكفل بحوائجهما (كالمجاهد) أي فضله كفضل المجاهد (في سبيل الله) لإعلاء كلمته ونشر دينه أي يثاب بما قام به ثواب القائم بالجهاد في سبيل الله، والأرملة من لا زوج لها سواء كانت تزوجت أولًا أم لا؟ وقيل هي التي فارقت زوجها بموت أو طلاق، قال ابن قتيبة: سميت الأرملة لما يحصل لها من الإرمال وهو الفقر وذهاب الزاد بفقد الزوج يقال أرمل الرجل إذا فني زاده، قال المازري: قال ابن السكيت: الأرمل المسكين من رجل وامرأة، وقال ابن الأنباري: في الغالب أنه من النساء لا الرجال، ويقال لمن ماتت زوجته أيم ولا يقال له أرمل لأنه من أرمل الرجل إذا فني زاده، والمرأة هي التي يذهب زادها لفقدها ما كان الرجل ينفقه عليها فليس سبيل الرجل أن يذهب زاده ويفتقر بموتها، وقول جرير:
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
أراد الفقير الذي نفد زاده ثم بين المعنى بقوله الذكر وكونه كالمجاهد والصائم القائم لأنه يتصرف بذلك في طاعة ربه وامتثال أمره اهـ من الأبي. قال ابن مسلمة (وأحسبه) أي وأحسب مالكًا (قال) الساعي على الأرملة كالمجاهد (وكالقائم) بصلاة الليل الذي (لا يفتر) ولا ينقطع عن قيامه ولا يضعف عنه طول الليل (وكالصائم) صوم النفل في جميع أيامه (لا يفطر) عن صومه في بعض الأيام التي يجوز فيها الصوم. وقوله (وأحسبه قال) هذا الشك من عبد الله بن مسلمة القعنبي كما صرح به البخاري في الأدب. وقوله (لا يفتر) من باب نصر أي لا ينقطع عن قيام الليل ولا يتوانى عنه من الفتور بمعنى الانقطاع.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في الأدب باب الساعي على الأرملة [٦٠٠٦] وباب الساعي على المسكين [٦٠٠٧]، والترمذي في البر

الصفحة 397