كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ. فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ. فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ. فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ. فَقَال لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، مَا اسْمُكَ؛ قَال: فُلانٌ. لِلاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ. فَقَال لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هذَا مَاؤُهُ يَقُولُ:
ــ
قصدته، ومنه سمي علم النحو لأنه قصد كلام العرب (فأفرغ) ذلك السحاب أي أمطر وكب (ماءه في حرة) أي في أرض ذات حجارة سود كثيرة (فإذا شرجة) أي مسيل وساقية (من تلك الشراج) والمسايل الموجودة في تلك الحرة (قد استوعبت) وجمعت (ذلك الماء) النازل من السحاب (كله) وجرت به إلى تلك الحديقة وسقتها، والشرجة بفتح الشين وسكون الراء مسيل الماء وجمعها شراج بكسرها، ووقع في رواية أحمد في مسنده فإذا هو في أذناب شراج فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء ومثله لابن حبان، والمعنى أن الحرة كانت تخرج منها شراج وشرجة واحدة منها جمعت الماء الذي نزل من السحاب (فتتبع) ذلك الرجل الذي سمع الهاتف أي ذهب مع تلك الشرجة التي جمعت (الماء) ليعلم أين تذهب هذه الشرجة بالماء، وفي رواية أحمد (تبع الماء) فرآها دخلت حديقة في طرف الحرة (فإذا رجل قائم في حديقته) تلك (يحول الماء) أي ينقل الماء من مكان إلى آخر (بمسحاته) أي بمجرفته، قال في القاموس: سحا الطين يسحيه ويسحوه ويسحاه سحوًا إذا قشره وجرفه، والمسحاة ما يسحى به الطين أو التراب، وفي المبارق: المسحاة اسم لآلة عريضة من الحديد مأخوذة من السحو وهو الكشف والإزالة اهـ، وقال غيره: المسحاة بكسر الميم وسكون السين المجرفة من الحديد أو من غيره، وهي الآلة التي يقشر بها الطين، والمراد أنه كان يحول الماء في حديقته من مكان إلى آخر ويفعل ذلك بالمسحاة (فقال) الرجل الذي تتبع الماء (له) أي لصاحب الحديقة القائم فيها وينقل الماء من مكان إلى مكان (يا عبد الله ما اسمك) المخصوص بك (قال) صاحب الحديقة اسمي (فلان) ذاكرًا له (للاسم الذي سمع) هذا السائل مذكورًا (في السحابة) من الهاتف (فقال) صاحب الحديقة (له) أي لهذا السائل الذي سمع صوت الهاتف وهو بالفلاة (يما عبد الله لم تسألني عن اسمي فقال) هذا السائل الفلاني (إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا) الماء الذي تسقيه الحديقة (ماؤه) أي مطره (يقول)

الصفحة 403