كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

قَال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى، وَهُوَ فِي بَيتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ. فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي. وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا. فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا. فَلَمَّا جَاءَهَا قَالتْ: عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ، وَعطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا. فَقَال: إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ، فَلَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَمْ أُشَمِّتْهُ. وَعَطَسَتْ، فَحَمِدَتِ اللهَ، فَشَمَّتُّهَا. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَا تُشَمِّتُوهُ"
ــ
أبواب (قال) أبو بردة (دخلت على) والدي (أبي موسى) الأشعري - رضي الله عنه - (وهو) أي أبو موسى (في بيت) زوجته (بنت الفضل بن عباس) - رضي الله عنهما -، وهذه البنت اسمها أم كلثوم بنت الفضل بن عباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة أبي موسى الأشعري تزوجها بعد فراق الحسن بن علي لها وولدت لأبي موسى ابنه موسى، ومات عنها فتزوجها بعده عمران بن طلحة ففارقها، وماتت بالكوفة، ودفنت بظاهرها اهـ نووي (فعطست) أنا (فلم يشمتني) والدي (وعطست) زوجته أم كلثوم (فشمتها فرجعت إلى) بيت (أمي) وهي ضرة لبنت الفضل بن عباس، ولعل اسم أمه أم عبد الله (فأخبرتها) أي أخبرت أمي بما جرى بيني وبين والدي من عدم التشميت لي مع تشميته لعطاس زوجته (فلما جاءها) أي فلما جاء والدي أبو موسى إياها في نوبتها (قالت) له أمي (عطس عندك ابني) أبو بردة (فلم تشمته وعطست) زوجتك بنت الفضل (فشمتها) فلم ميزت بينهما في التشميت فكأنها غارت لابنها (فقال) أبي في جواب أمي (إن ابنك عطس فلم يحمد الله) تعالى على نعمة العطاس (فلم أشمته) أنا فإنما التشميت لمن حمد الله بعد عطاسه. وهذا يدل على أن التشميت إنما هو بعد الحمد، ولهذا قال مالك: لا تشمته حتى تسمعه حمد وإن بعد منك، وإن رأيت من يليه شمته فشمته، واستحب له أن يرفع صوته بالحمد اهـ من الأبي (وعطست) بنت الفضل (فحمدت الله) بعد عطاسها (فشمتها) بتشديد الميم والتاء مع ضمها لأنها للمتكلم، وإنما فرقت بينهما بالتشميت لها وتركه في عطاسه لأني (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه).

الصفحة 421