كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ،
ــ
وهما مصدران استعيرا لمعنى الفعل لزيادة التأكيد ومفعولهما (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ولذلك نصب، وقبله جملة معترضة وهي (ووعاه قلبي) يعني وعى قلبي ما رأيته وسمعته منه والفصل بين الفاعل والمفعول بمثل هذه الجملة المعترضة فصل بغير أجنبي فإنه يفيد التأكيد. وقوله (أشهد) قبل هذا الكلام في معنى القسم، وأقول والأرجح الأوضح الأوفق للقاعدة النحوية في إعراب هذا الحديث لفظ (فأشهد) جملة قسمية بمعنى فأقسم (بصر عيني) مصدر مضاف إلى فاعله مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف وجوبًا، والجملة الحالية وهي قوله (وهو يقول) ساد مسد الخبر وهذه الحال قد تكون اسمًا مفردًا كما في قولهم: أخطب ما يكون الأمير قائمًا، وقد تكون جملة فعلية كما في البيت المذكور، وقد تكون جملة اسمية مع الواو كما في حديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وكما هنا والمعنى فأشهد أي أقسم بصر عيني هاتين ورؤيتهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصل وهو يقول (من أنظر معسرًا) .. إلخ وسمع أذنيّ هاتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصل وهو يقول (من أنظر معسرًا) ... إلخ وقس عليه إعراب الحديث الآتي. وفي رواية العُذري (بصر) بضم الصاد وفتح الراء على صيغة الماضي، و (عيناي) بالرفع على أنه فاعل، وكذلك (وسمع) بكسر الميم فعلًا ماضيًا (أذناي) بالرفع فاعل، وجملة (ووعاه قلبي) معترضة بين الفعل والمفعول وهو قوله بعد (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) والمعنى على هذه الرواية قال أبو اليسر: فأشهد على أنه بصرت عيناي هاتان وسمعت أذناي هاتان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول .. الخ وقد وعاه قلبي ما رأيته وسمعته منه - صلى الله عليه وسلم -، قال القاضي: وللعذري (وأشار إلى نياط قلبه) بالنون المكسورة، ولغيره (مناط قلبه) بالميم المفتوحة، قال صاحب العين: نياط القلب ومناطه حرف معلق به أي بالقلب اهـ، قال الأبي: الأصل في الترتيب تقديم الفعل ثم يليه الفاعل ثم يلي الفاعل المفعول، وقد يعرض ما يوجب الخروج عن هذا الأصل على ما هو مذكور في محله وليس في هذا الحديث إلا الفصل بين الفاعل والمفعول بما ليس بأجنبي بل بما يفيد توكيدًا وذاك خفيف اهـ منه.
أي سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وهو يقول من أنظر معسرًا) أي أمهله مع بقاء الدين بمقدار ما كان (أو وضع عنه) أي أو نقص عنه شيئًا من الدين أو عفا عن

الصفحة 466