كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

(٠٠) (٢٩٩٥) (١٥٥) ثُمَّ مَضَينَا حَتَّى أَتَينَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِهِ، وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، مُشْتَمِلًا بِهِ. فَتَخَطَّيتُ الْقَوْمَ
ــ
ولذلك لم يرض بأن تكون عليه حلة بردة وعلى غلامه حلة معافري أو بالعكس وذلك احتياط منه - رضي الله عنه - وورع، والجمهور على أن المقصود من الحديث المواساة لا المساواة ويؤيد ذلك حديث أبي هريرة عند البخاري في العتق [رقم ٢٥٥٧] "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين" وحديث أبي هريرة مرفوعًا "للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يُكلّف من العمل ما لا يطيق" وهو يقتضي الرد في ذلك إلى العرف فمن زاد عليه كان متطوعًا اهـ فتح الباري [٥/ ١٧٤].
قوله (وألبسوهم مما تلبسون) قال الأبي: كان بعض شيوخنا يقول المراد مما تلبسون الاتحاد بالنوع لا بالصنف فإذا لبس السيد الملف ولبس المملوك ثوبًا من نسج الحائك صدق أنه كساه مما يلبس اهـ.
وهذا الحديث من رواية أبي اليسر مما انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات وقد أخرجه البخاري في العتق [رقم ٢٥٤٥] من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ولفظه "إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس".
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى الحديث الأول من أحاديث جابر - رضي الله عنه - فقال:
(٠٠) (٢٩٩٥) (١٥٥) قال عبادة بن الوليد بالسند السابق (ثم) بعدما أخذنا الحديث من أبي اليسر (مضينا) أي ذهبنا من عنده (حتى أتينا جابر بن عبد الله) الأنصاري الخزرجي - رضي الله عنهما - (في مسجده) أي في مسجد جابر ومصلاه من المسجد النبوي (وهو) أي والحال أن جابرًا (يصلي في ثوب واحد مشتملًا) أي ملتحفًا ومتلففًا (به) أي بذلك الثوب الواحد اشتمالًا ليس باشتمال الصماء المنهي عنه وما عداه من الاشتمال كالاعتطاف والاضطباع فليس بمنهي عنه اهـ من الأبي، وفيه دليل على جواز الصلاة في ثوب واحد مع وجود الثياب لكن الأفضل أن يزيد على ثوب واحد عند الإمكان وإنما فعل جابر هذا للتعليم ولبيان الجواز كما بيّن ذلك في قوله الآتي، قال عبادة بن الوليد (فتخطيت) أنا (القوم) أي على رقاب القوم، قال القاضي: فعل ذلك وزاحم حرصًا على

الصفحة 469