كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَينَ الْقِبْلَةِ. فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ؟ قَال: فَقَال بِيَدِهِ فِي صدْرِي هَكَذَا. وَفَرَّقَ بَينَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا: أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الأَحْمَقُ مِثْلُكَ، فَيَرَانِي كَيفَ أصْنَعُ، فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ.
أَتَانَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَسْجِدِنَا هَذَا
ــ
القرب منه لسماع العلم (حتى جلست بينه) أي بين جابر (وبين) جهة (القبلة) له (فقلت) له (يرحمك الله) تعالى (أتصلي) يا جابر (في ثوب واحد) مشتملًا به (ورداؤك) أي والحال أن رداءك موضوع (إلى جنبك) قريبًا منك (قال) جابر في جواب سؤالي عن صلاته في ثوب واحد ومقول قال سيأتي بقوله "أردت أن يدخل عليّ الأحمق .. إلخ" وجملة قوله (فقال) جابر أي ضربني (بيده) أي بظهر كفه (في صدري هكذا) أي مقوسًا أصابعه، وفسر اسم الإشارة بقوله (وفرّق بين أصابعه وقوّسها) أي ضربني بظهر كفه في صدري حالة كونه هكذا أي مفرّقًا بين أصابعه ومقوّسًا لها أي جاعلًا لها على صورة القوس يعني أنه بعد التفريق بين الأصابع لواها وثناها إلى باطن الكف معترضة بين قال الأول ومقوله أو الفاء في قال الثاني بمعنى واو الحال وجملته حال من فاعل قال الأول بتقدير قد أي قال جابر أردت أن يدخل عليّ .. إلخ وقد قال وضرب بيده في صدري، وفي قال الثاني استعمال القول بمعنى الفعل وهو سائغ شائع في كلامهم وذكر مقول قال الأول بقوله (أردت أن يدخل عليّ) أي قال جابر في جواب سؤالي عن صلاته في ثوب واحد وقد ضربني بكفه في صدري قصدت بصلاتي في ثوب واحد وعندي ردائي أن يدخل عليّ وأنا في صلاتي (الأحمق) أي الجاهل (مثلك فيراني) ذلك الأحمق (كيف أصنع) في صلاتي فيتعلم جواز الصلاة في ثوب واحد (فيصنع) ذلك الأحمق في صلاته (مثله) أي مثل ما أنا صنعته من الصلاة في ثوب واحد مشتملًا به، والمراد بـ (الأحمق) هنا الجاهل، وحقيقة الأحمق من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه كمن ترك الصلاة بلا عذر حتى خرج وقتها مثلًا، وفي هذا جواز إطلاق لفظ الأحمق على من استحق للتعزير والتأديب وزجر المتعلم وتنبيهه ولأن لفظ الأحمق والظالم قل من ينفك من الاتصاف بهما وهذه الألفاظ هي التي يؤدب بها المتقون والورعون من استحق التأديب اهـ نووي، قال السنوسي: وسماه الأحمق لعدم موافقة فعله الأدب، من تخطئة الناس وجلوسه بينه وبين القبلة، ثم قال جابر (أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجدنا هذا) يعني

الصفحة 470