كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

قُلْنَا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَشْرَعَ نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ. شَنَقَ لَهَا فَشَجَتْ فَبَالت. ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأَنَاخَهَا. ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنهُ. ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّإِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِي حَاجَتَهُ. فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّيَ. وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ
ــ
راحلتي (قلنا) له (نعم) أذنا لك (يا رسول الله) أن تسقيه إياها، قال القاضي: استئذانهما لأنهما أحق بالماء لسبقهما أو، وعملهما الحوض وإن كان يعلم أنهما يرضيان به ولو أرصداه ولكنه أخذ بأفضل الأخلاق ليُقتدى به، قال النووي: هو تعليم لأمته طريق الورع في مثل هذا (فأشرع) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ناقته) في الحوض أي أرسل رأسها في الماء لتشرب (فشربت) منه يقال شرعت الدابة في الماء شربت منه بفمها وأشرعتها أي جعلتها تشرب، ثم بعدما شربت (شنق لها) أي ضيق عليها زمامها وكفها بزمامها وهو راكب لها، قال ابن دريد: والشنق هو أن تجذب زمامها حتى تقارب رأسها قادمة الرحل ومقدمه لترجع عن شرب الماء وتتركه لشبعها من الماء فـ (فشجت) أي ففرجت بين رجليها (فبالت) أي أخرجت البول يقال شنقها وأشنقها إذا كفها من الماء بزمامها وهو راكب عليها لقضاء وطرها من الماء، وقوله (فشجت) والفاء فيه أصلية لأنها فاء الكلمة والشين عين الكلمة والجيم مخففة لامها على وزن فتح يقال فشج البعير إذا فرج بين رجليه وباعد بينهما ليبول وفثج مضعف فشج أبلغ منه قاله الأزهري وغيره، ووقع في بعض الروايات (فشجت) بتشديد الجيم والفاء على هذه الرواية عاطفة ليست جزء كلمة ومعنى (شجت) قطعت الشرب والأول أولى، وقوله (شنق لها) و (فشجت) يقدر قبل كل واحد منهما حرف العطف أي (وشنق لها) و (فشجت) (فبالت) (ثم عدل) ومال (بها) عن موضع الحوض (فأناخها) أي أضجعها وأبركها لتستريح (ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) نازلًا عنها (إلى الحوض فتوضأ منه) أي من ماء الحوض فقام وذهب، قال جابر (ثم قمت) أنا من مجلسي (فتوضأت من متوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي من المكان الذي توضأ منه من الحوض تبركًا بأثر وضوءه (فذهب جبار بن صخر) إلى البراز حالة كونه يريد أن (يقضي حاجته) حاجة الإنسان (فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي) سنة الوضوء بعدما ركز عنزته، قال جابر (وكانت عليّ بردة) قصير العرض

الصفحة 477