كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَينَ طَرَفَيهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي. وَكَانَت لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا ثُمَّ خَالفْتُ بَينَ طَرَفَيهَا. ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيهَا. ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ جَاءَ فَقامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخَذَ
ــ
غير واسعته وهي كساء مخطط من صوف تلبسه الأعراب فـ (ذهبت) أي قصدت (أن أخالف) وأعاكس (بين طرفيها) بجعل أحد الطرفين تحت الآخر لئلا تظهر البشرة (فلم تبلغ لي) أي لم تتسع لي للمخالفة لضيق عرضها (وكانت لها) أي لتلك البردة (ذباذب) أي أهداب وأطراف جمع ذبذب بكسر الذال سُميت بذلك لأنها تذبذب على صاحبها إذا مشى أي تتحرك وتضطرب، قال المازري: والمذبذب المضطرب الذي لا يبقى على حال واحدة، يقال تذبذب الشيء إذا اضطرب، ومنه قيل لأسافل الثوب ذباذب يعني أنه كانت عندي بردة واحدة لجميع بدني فأردت أن أغطي بها جميع بدني بأن أجعل طرفها الأيمن على نكبي الأيسر وطرفها الأيسر على منكبي الأيمن ولكني لم أستطع ذلك لصغر البردة فلم يبلغ طرفه إلى المنكب (فكان لها ذباذب) وأهداب يزيد في طولها (فنكستها) بتخفيف الكاف وتشديدها أي قلبتها فجعلت طولها عرضًا وعرضها طولًا وأعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها مثل التنكيس الذي ذكره الفقهاء في صلاة الاستسقاء في كيفيته لتقبل المخالفة بين طرفيها، قال في المصباح: نكسته نكًا من باب قتل قلبته، ومنه قيل ولد منكوس إذا خرج رجلاه قبل رأسه (ثم خالفت بين طرفيها ثم تواقصت) وأحنيت وطأطأت (عليها) بعنقي وأمسكتها بالعنق لئلا تسقط، زاد أبو داود (لا تسقط) أي إنما فعلت ذلك لئلا يسقط الرداء وذلك أن الرداء وإن بلغ إلى المنكب بفضل الذباب ولكنه مع ذلك كان بحيث لا يستقر على المنكب بنفسه فاحتاج إلى أن يمسكه فيما بين ذقنه وعنقه (شم) بعدما ترديت بالبردة (جئت) إلى مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (حتى قمت) أي فقمت لأن حتى بمعنى الفاء أي فقمت (عن يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (بيدي) بالإفراد (فأدارني) أي فحولني عن يساره (حتى أقامني) أي فأقامني (عن يمينه ثم) بعد قضاء حاجته (جاء جبار بن صخر فتوضأ ثم جاء) إلى موضع النبي - صلى الله عليه وسلم - (فقام) جبار في موضع قيامي أولًا (عن يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ) أي أمسك

الصفحة 478