كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

فَرَأَيتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ وَقْفَةً. فَقَال بِرَأْسِهِ هَكَذَا، (وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا)، ثُمَّ أَقْبَلَ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيَّ قَال: "يَا جَابِرُ، هَلْ رَأَيتَ مَقَامِي؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ. قَال: "فَانْطَلِقْ إِلَيَّ الشَّجَرَتَينِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْنًا. فَأَقْبِلْ بِهِمَا. حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِي فَأَرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يِمِينِكَ وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِكَ".
قَال جَابِرٌ: فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ. فَانْذَلَقَ لِي
ــ
أمرهما حتى التأمتا بحيث صارتا كجسم واحد فتستر بهما وقضى حاجته ثم عادت الشجرتان إلى هيئتهما المستقلة ورجعت كل واحد منهما إلى مكانها وهذه معجزة من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - قال جابر - رضي الله عنه - (فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف) في طريقه إلي (وقفة) يسيرة وإنما وقف كذلك لما سيأتي أنه شعر أن هناك قبرين يُعذّب صاحباهما (فقال) أي أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وقف (برأسه هكذا) أي أشار برأسه وحرّكه يمينًا وشمالًا لأن أحد القبرين كان في جانب اليمين والآخر في جهة اليسار، قال المؤلف نقلًا عن شيخه محمد بن عبّاد بن الزبرقان (وأشار أبو إسماعيل) العبدري مولاهم المدني حاتم بن إسماعيل (برأسه يمينًا وشمالًا) تفسيرًا لقول جابر فقال برأسه هكذا، وفي بعض النسخ: وأشار ابن إسماعيل، وكلاهما صحيح لأن اسمه حاتم بن إسماعيل المدني، وكنيتُه أبو إسماعيل، صدوق، من (٨) روى عنه في (١٢) بابا قال جابر (ثم) بعدما وقف وقفة (أقبل) إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (فلما انتهى) ووصل (إليّ قال) لي (يا جابر هل رأيت مقامي) وموقفي الذي وقفت فيه وقفة يسيرة، قال جابر (قلت) له - صلى الله عليه وسلم - (نعم) رأيته (يا رسول الله) ثم قال لي (فانطلق) أي فاذهب (إلى الشجرتين) اللتين قضيت عندهما حاجتي (فاقطع من كل واحدة منهما غصنًا فأقبل) أي فاذهب (بهما) أي بالغصنين المقطوعين لك إلى جهة موقفي الذي وقفت فيه (حتى إذا) وصلت موقفي ذلك و (قمت مقامي فأرسل) أي فضع (غصنًا) واحدًا منهما (عن يمينك وغصنًا) آخر (عن يسارك، قال جابر فقمت) من مكاني (فأخذت حجرًا) من الأحجار لأقطع به الغصنين (فكسرته) أي فكسرت ذلك الحجر (وحسرته) أي أحددته ونحيت عنه ما يمنع حدته بحيث يمكن لي أن أقطع به الغصن (فانذلق) أي صار حادًّا يمكن (لي) القطع به ومعنى انذلق انحدّ وذلق كل شيء حده

الصفحة 484