كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

بِيَدَيهِ. ثُمَّ أَعْطَانِيهِ فَقَال: "يَا جَابِرُ، نَادِ بِجفْنَةٍ" فَقُلْتُ: يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ، فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ. فَوَضَعتُهَا بَينَ يَدَيهِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَةِ هَكَذَا. فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَينَ أَصَابِعِهِ. ثُمَّ وَضَعَهَا فِي قَعْرِ الْجَفْنَةِ. وَقَال: "خُذْ. يَا جَابِرُ، فَصُبَّ عَلَيَّ. وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ" فَصَبَبْتُ عَلَيهِ وَقُلْتُ: بِاسْمِ اللهِ. فَرَأَيتُ الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَينِ أَصَابعِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلأَتْ فَقَال: "يَا جَابِرُ، نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ"
ــ
(بيديه) الشريفتين وكأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا عليه بكلمات لم يسمعها جابر - رضي الله عنه - وفي بعض النسخ بيده، والمراد أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل يغمز الشجب بيديه ليعصره ويُخرج ما فيه (ثم أعطانيه) أي أعطاني ذلك الشجب (فقال يا جابر ناد بـ) صاحب (جفنة) الركب ليحضر بها إليّ قال فناديتها (فقلت) في ندائي (يا جفنة الركب) أي يا صاحب جفنة الركب فحُذف المضاف للعلم بأنه المراد وأن الجفنة لا تنادى، والمعنى يا صاحب جفنة الركب التي تشبعهم أحضرها يعني من كان عنده جفنة بهذه الصفة فليحضرها، والجفنة وعاء وطست تسع ما يُشبع عشرة إنسان اهـ دهني، قال جابر (فأُتيت بها) بالبناء للمجهول أي أتاني آت بها أي بتلك الجفنة حالة كونها (تُحمل) بالبناء للمجهول يعني يحملها الناس، وفيه إشارة إلى كبرها وثقلها، قال جابر (فوضعتها) أي فوضعت تلك الجفنة (بين يديه) أي قدامه - صلى الله عليه وسلم - وقربه (فقال) أي وضع (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده) الشريفة (في الجفنة) أي في أعالي الجفنة وفمها (هكذا) أي مبسوطة أصابعها لا مقبوضة، وفسر الإشارة بقوله (فبسطها) أي فبسط أصابعها (وفرّق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة) أي وضع يده الشريفة في أسفل الجفنة وقعرها (وقال) لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (خذ) هذا الشجب الذي فيه قطرة ماء (يا جابر فصب) منه (عليَّ) ماء (وقل) عند صبه أصبك (باسم الله) قال جابر (فصببت عليه) - صلى الله عليه وسلم - (وقلت باسم الله فرأيت الماء يفور) ويخرج (من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم فارت) ونبعت (الجفنة) الماء (ودارت) الجفنة الماء أي دار الماء وطاف في جوانبها (حتى امتلأت) الجفنة ماء (فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يا جابر ناد) في الناس بقولك (من كان له حاجة بماء) فليأتنا ليأخذه

الصفحة 488