كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً. فَأَلْقَى دَابَّةً. فَأَوْرَينَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ. فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوينَا، وأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا. قَال جَابِرٌ: فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلانٌ وَفُلانٌ، حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً، فِي حِجَاجِ عَينِهَا. مَا يَرَانَا أَحَدٌ. حَتَّى خَرَجْنَا. فَأَخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ. ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ، وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ، فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ
ــ
بعدها (فزخر البحر) أي علا موجه وكثر ماؤه وامتدّ على الساحل (زخرة) أي هاج موجه وارتفع هيجة واحدة وحركة واحدة (فألقى) البحر (دابة) من دوابه إلى الساحل، وتقدم في كتاب الصيد أنه كان حوتًا عظيمًا يقُال له العنبر (فأورينا) أي أوقدنا (على شقها) أي على جانبها (النار) لنطبخه (فأطبخنا) ذلك الشق في القدور (واشتوينا) أي شويناه على الحديد المحماة (وأكلنا) منها (حتى شبعنا) منها (قال جابر: فدخلت أنا وفلان وفلان) وعد جابر الداخلين معه (حتى عد خمسة) أنفار أي دخلنا (في حجاج عينها) أي عين تلك الدابة، وحجاج عينها بفتح الحاء وكسرها عظمها المستدير بها والحال أنه (ما يرانا) فيها (أحد) من الناس لبعد قعرها (حتى خرجنا) منها (فأخدنا ضلعًا من أضلاعه) أي من أضلاع ذلك الحيوان، والضلع عظام الجنب (فقوسناه) أي ركزناه على صورة القوس (ثم دعونا بأعظم رجل في الركب) وأطولهم (وأعظم جمل في الركب) بالجيم للعذري، ولغيره بالحاء المهملة، وهو الصواب وأشبه بسياق الحديث اهـ أبي (وأعظم كفل في الركب) بكسر الكاف وسكون الفاء، قال الجمهور: المراد بالكفل ها هنا هو الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه لئلا يسقط فيحفظ الكفل الراكب من السقوط، ويقال منه تكفلت البعير وأكفلته إذا أدرت ذلك الكساء حول سنامه ثم ركبته وهذا الكساء كفل، ورواه السمرقندي والصدفي بفتح الكاف والفاء معناه العجز، والصحيح الأول (فدخل) ذلك الرجل الأعظم الذي معه أعظمُ جمل الركب وأعظم كفل (تحته) أي تحت ذلك الضلع ومر تحته، والحال أنه (ما يطأطئ) ويخفض (رأسه) أي لم يحتج هذا الراكب إلى أن يخفض رأسه لعظم الضلع المقوس.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المغازي [٤٣٦٠].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى حديث الجزء الثاني من الترجمة وهو حديث الهجرة فقال:

الصفحة 490