كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

ثُمَّ قَال: "أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟ " قُلْتُ: بَلَى. قَال: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا زَالتِ الشَّمْسُ. وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ. قَال: وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُتِينَا. فَقَال: "لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا" فَدَعَا عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا. أُرَى فَقَال: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ. فَادْعُوا لِي. فَاللهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ
ــ
والثالث أنه مال لحربي لا أمان له، الرابع لعلمهم أنهم كانوا مضطرين، والجوابان الأولان أجود اهـ منه (ثم) بعدما شرب اللبن (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ألم يأن) أي ألم يقرب آن أي وقت (للرحيل) أي لارتحالنا من هذا المنزل ولسيرنا إلى مقصدنا (قال) أبو بكر (قلت) له (بلى) آن وقرب الرحيل يا رسول الله (قال) أبو بكر (فارتحلنا) من ذلك المنزل (بعدما زالت الشمس) ومالت عن كبد السماء إلى جهة المغرب (واتَّبعنا) أي لحقنا بعدما ارتحلنا (سراقة بن مالك) بن جعشم المدلجي (قال) أبو بكر (ونحن) أي والحال أني أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معنا (في جلد من الأرض) بالجيم واللام المفتوحتين أي في أرض صلبة، ورُوي جدد بوزن جلد بالدال بدل اللام أي في أرض مستوية، قال ابن سرّاج: جدد الأرض الخشن منها، وقال ابن دريد وغيره: هو المستوي وإنما ذكر ذلك لبيان أن مثل هذه الأرض لا تسوخ فيها قوائم الدابة عادة ولكنه كان معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لو كانت الأرض دهسة لم يستغرب ذلك الرسوخ، قال أبو بكر (فقلت يا رسول الله أُتينا) بضم الهمزة على صيغة المجهول أي أتانا طالبنا (فقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تحزن إن الله معنا) بالحفظ والنصر، قال أبو بكر (فدعا عليه) أي على سراقة (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت فرسه) أي غاصت قوائمها (إلى بطنها) في تلك الأرض الجلد يقال رطمه يرطمه من باب نصر إذا أدخله في أمر لا يخرج منه وارتطم في الطين وقع فيه فتخبط فيه كذا في اللسان [٥/ ٢٣٨] قال الراوي أو من دونه (أُرى) بضم الهمزة أي أظن أن أبا بكر قال (فقال) سراقة (إني قد علمت أنكما) خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأبي بكر - رضي الله عنه - (قد دعوتما عليّ فادعوا لي) بخروج فرسي من الأرض (فالله) شاهد (لكما) عليّ على (أن أرد عنكما الطلب) أي من يطلبكما جمع طالب، قال محمد الدهني في تعليقه على مسلم: معناه فالله ينفعكم بردي عنكما الطلب والله أعلم، ويحتمل أن يكون

الصفحة 495