كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَال فِي حَدِيثِهِ، مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ: فَلَمَّا دَنَا دَعَا عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَسَاخَ فَرَسُهُ فِي الأَرْضِ إِلَى بَطْنِهِ. وَوَثَبَ عَنْهُ. وَقَال: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أَن هَذَا عَمَلُكَ. فَادْعُ اللهَ أَنْ يُخَلِّصَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ. وَلَكَ عَلَيَّ لأعُمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي. وَهَذِهِ كِنَانَتِي. فَخُذْ سَهْمًا مِنْهَا. فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إِبِلِي وَغِلْمَانِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ. قَال: "لَا حَاجَةَ لِي في إِبِلِكَ"
ــ
(بمعنى حديث زهير) بن معاوية (عن أبي إسحاق و) لكن (قال) إسرائيل (في حديثه) وروايته (من رواية عثمان بن عمر فلما دنا) وقُرب سراقة إلينا (دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخ) هو بمعنى ارتطمت أي غاص قوائم (فرسه في الأرض إلى بطنه ووثب) سراقة (عنه) بسرعة (وقال) سراقة (يا محمد قد علمت) أنا (أن هذا) الذي أصاب فرسي (عملك) أي دعاؤك (فادع الله) لي (أن يخلّصني) وينجيني (مما أنا فيه) من مصيبة فرسي (ولك عليّ لأعمّين) أي لأخفين أمركم (على من ورائي) ممن يطلبكم وألبسه عليهم حتى لا يتبعكم أحدًا منهم.
قوله (ولك عليّ) جملة أراد بها القسم، وقوله (لأعمّين) جوابه أي ولك قسم عليّ على أن أعمّين أمرك على من ورائي وهو بضم الهمزة وفتح العين وكسر الميم المشددة من باب التفعيل يقال عمّى الرجل صيّره أعمى ولبّس الأمر عليه وكذلك أعماه، ويحتمل أن يكون (لأُعمين) بضم الهمزة وسكون العين وكسر الميم المخففة من الإعماء يعني أُضل عنكما من يأتي ورائي في طلبكم وأجعلهم عميًا عنكم (وهذه) الجعبة (كنانتي) أي كيس سهامي (فخذ سهمًا منها) أي من كنانتي لتكون علامة لك على إذني لك في أخذ ما شئت من إبلي (فإنك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا فـ) إذا وصلت إليها فـ (خذ منها) أي من إبلي (حاجتك) أي قدر ما تحتاج إليه في سفرك فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا حاجة لي في إبلك) ووقع في حديث سراقة عند البخاري في المناقب "ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قال: أخف عنا "وفيه كمال استغناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متاع الدنيا مع حاجته إليه في السفر".

الصفحة 498