كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 26)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
٣١]) وكذلك نزل فيه أيضًا على بعض الروايات قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٢٨)} [الأعراف: ٢٨] كما ذكره ابن جرير في تفسيره [٨/ ١٥٤] عن مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي وغيرهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الحديث النسائي باب قوله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [٢٩٥٦].
قوله (اليوم يبدو بعضه أو كله) الضمير للفرج والمعنى أنها إن وجدت خرقة تتوارى بها عورتها فإنها قد لا تكون كافية لستر العورة الغليظة كلها فيبدو بعض أجزائها وإن لم تجد خرقة ربما ظهرت العورة كلها، وأخرج الطبري عن ابن عباس قال: إن النساء كن يطفن بالبيت عراة، وقال في موضع آخر بغير ثياب إلا أن تجعل المرأة على فرجها خرقة وتقول: اليوم يبدو بعضه أو كله .. الخ، وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: كان الناس يطوفون بالبيت عراة يقولون: لا نطوف في ثياب أذنبنا فيها، فجاءت امرأة فألقت ثيابها وطافت ووضعت يدها على قبلها وقالت: اليوم يبدو بعضه أو كله .. الخ اهـ من الدر المنثور للسيوطي [٣/ ٧٨].
قوله (فما بدا منه فلا أحله) أي لا أبيح لأحد أن ينظر إليه أو يتمتع به المقصود أنني لا أُبدي عورتي بقصد الفحشاء وإنما أبديه لحاجة وهي أن لا أطوف بثياب أذنبت فيها وإن هذا الشعر منسوب إلى امرأة جميلة قيل هي ضباعة بنت عامر بن صعصعة كما ذكره السهيلي في الروض الأنف [١/ ١٣٤] ثم قال: ومما ذُكر من تعريهم في الطواف أن رجلًا وامرأة طافا كذلك فانضم الرجل إلى المرأة تلذذًا واستمتاعًا فلصق عضده بعضدها ففزعا عند ذلك وخرجا من المسجد وهما ملتصقان، ولم يقدر أحد على فك عضده من عضدها حتى قال لهما قائل: توبا مما كان في ضميركما وأخلصا لله التوبة ففعلا فانحل أحدهما من الآخر، ثم اختلفت الروايات في كيفية التعري في الطواف فذكر بعضهم أن طواف الطائف عريانًا إنما يكون في المرة الأولى، فإذا عاد فطاف بعد ذلك لبس ملابسه، وذكر بعضهم أنه إذا خلع ثيابه عند الطواف ألقاها على الأرض لا يلبسها أحد وتُترك كما هي تُداس بالأقدام إلى أن تتمزق وتتهرى وتُسمّى هذه الثياب اللِّقى اهـ لسان العرب [١٢/ ٣١٩] والله سبحانه وتعالى أعلم.
***

الصفحة 542