كتاب التمهيد لشرح كتاب التوحيد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفإن قيل: علام يدل قوله: «من لقيه يشرك به شيئا دخل النار» ؟ هل يدل على أنه دخول أبدي، أو أمدي؟ فالجواب: أن ذلك بحسب نوع الشرك، فإن كان الشرك أكبر ومات عليه فإنه يدخل النار دخولا أبديا، وإن كان الشرك أصغر، أو خفيا فإنه يكون متوعدا بالنار أي: سيدخل النار ويخرج منها؛ لأنه من أهل التوحيد.
وهل يدخل الشرك الأصغر في الموازنة أو لا؟ تقدم الجواب أن الشرك الأصغر يدخل في موازنة الحسنات والسيئات، وأنه إذا رجحت حسناته فإنه لا يعذب على الشرك الأصغر لكن هذا ليس في حق كل أحد من الخلق، فإن منهم من يعذب على الشرك الأصغر؛ لأن الموازنة بين الحسنات والسيئات ليست شاملة لكل الخلق، وليست شاملة أيضا لكل الذنوب، بل قد يكون من الذنوب ما يستوجب النار، ولو رجحت الحسنات على السيئات فإنه يستوجب الجنة. ولكن لا بد من أن يطهر في النار وهذا دليل على وجوب الخوف من الشرك؛ لأن قوله: «من لقي الله يشرك به شيئا دخل النار» يشمل الشرك الأكبر والأصغر والخفي، فعلى المرء أن يطلب الهرب من الشرك بجميع أنواعه، ويسعى إلى ذلك جهده.
وعلى المرء - أيضا - أن يستعيذ بالله - جل وعلا - من الشرك الأصغر والخفي، بقوله: " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا أعلمه، وأستغفرك مما لا أعلم " (¬1) . لأنه إذا علم فأشرك، فإنه سيترتب الأثر الذي ذكرناه، وهو: عدم المغفرة، ففي هذا الدعاء، الذي علمناه رسولنا - عليه الصلاة والسلام -
¬_________
(¬1) أخرجه أحمد (19606) وابن أبي شيبة 10 / 337 - 338 بنحوه من حديث أبي موسى، وقال الهيثمي في " المجمع " 10 / 223: (رواه أحمد والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي علي، ووثقه ابن حبان) .
الصفحة 57
631