كتاب التمهيد لشرح كتاب التوحيد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالجواب: أن ذبح الصلح الذي تعمله بعض القبائل في صورته المشتهرة المعروفة لا يجوز؛ لأنهم يجعلون الذبح أمام من يريدون إرضاءه ويريقون الدم تعظيما وإجلالا له لإرضائه، فهذا النوع من الذبح يكون محرما؛ لأنه لم يرق الدم لله - جل وعلا - وإنما أراقه لأجل إرضاء فلان، فهذا الذبح - كما قلت - محرم، والذبيحة - أيضا - لا يجوز أكلها؛ لأنها لم تذبح لله - جل وعلا - وإنما ذبحت لغيره.
فإن كان الذبح الذي هذا صفته يقصد به التقرب والتعظيم للمذبوح له: صار شركا أكبر، وإن لم يكن يقصد به التقرب والتعظيم له كان محرما؛ لأنه لم يخلص من أن يكون لغير الله فصارت عندنا مع هذه الصورة المسؤول عنها صورة أخرى تقدمت وهي: الذبح عند قدوم السلطان وبحضرته، وفي كلتا الصورتين: إن كان قصد الذابح التقرب والتعظيم للمذبوح له، فيكون الذبح حينئذ شركا أكبر بالله - جل وعلا - لأنه ذبح وأراق الدم تعظيما للمخلوق، وتقربا إليه.
وإن لم يذبح تقربا أو تعظيما، وإنما ذبح لغاية أخرى مثل الإرضاء، فيكون قد شابه أهل الشرك فيما يذبحونه تقربا وتعظيما، فنقول: الذبيحة لا تجوز ولا تحل، والأكل منها حرام، ويمكن للإخوة الذين يشيع عندهم في بلادهم أو في قبائلهم مثل هذا الفعل المسمى " ذبح الصلح " ونحوه أن يبدلوه بخير منه، وهو أن يجعلونه وليمة للصلح، فيذبحون للضيافة، يعني: يذبحون لمن يريدون إرضائهم، ويدعونهم، ويكرمونهم، ولا يكون هذا بحضرتهم، فهذا من الأمر المرغب فيه، ويكون الذبح في هذه الحالة كما يذبح المسلم عادة لضيافة أضيافه، ونحو ذلك.
الصفحة 605
631