كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

عليم سميع وكذلك عزيز حكيم وغفور رحيم وفي موضع واحد الرحيم الغفور إلى غير ذلك مما لا يكاد ينحصر وليس شيء من ذلك يخلو عن فائدة وحكمة لأنه كلام الحكيم الخبير وسنقدم بين يدي الخوض في هذا الغرض أصلا يقف بك على الطريق الأوضح فنقول إن تقديم الألفاظ في اللسان على حسب تقدم المعاني في الجنان تقديم المعاني
تتقدم المعاني بأحد خمسة أشياء إما بالزمان وإما بالطبع وإما بالرتبة وإما بالسبب وإما بالفضل والكمال
فإذا سبق معنى من المعاني إلى الخفة والثقل بأحد هذه الأسباب الخمسة أو بأكثرها سبق اللفظ الدال على ذلك المعنى السابق وكان ترتب الألفاظ بحسب ذلك نعم وربما كان ترتب الألفاظ بحسب الخفة والثقل لا بحسب المعنى كقولهم ربيعة ومضر وكان تقديم مضر أولى من جهة الفضل ولكن آثروا الخفة لأنك لو قدمت مضر في اللفظ كثرت الحركات وتوالت فلما أخرت وقف عليها بالسكون
قلت ومن هذا النحو الجن والإنس فإن لفظ الإنس أخف لمكان النون الخفيفة والسين المهموسة فكان الأثقل أولى بأول الكلام من الأخف لنشاط المتكلم وجمامه وأما في القرآن فلحكمة أخرى سوى هذه قدم الجن على الإنس في الأكثر والأغلب وسنشير إليها في آخر الفصل إن شاء الله
أما ما تقدم بتقدم الزمان فكعاد وثمود والظلمات والنور@

الصفحة 107