كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وأما تقديم العزيز على الحكيم فإن كان من الحكم وهو الفصل والأمر فما ذكره من المعنى صحيح وإن كان من الحكمة وهي كمال العلم والإرادة المتضمنين اتساق صنعه وجريانه على أحسن الوجوه وأكملها ووضعه الأشياء مواضعها وهو الظاهر من هذا الإسم فيكون وجه التقديم أن العزة كمال القدرة والحكمة كمال العلم وهو سبحانه الموصوف من كل صفة كمال بأكملها وأعظمها وغايتها فتقدم وصف القدرة لأن متعلقه أقرب إلى مشاهدة الخلق وهو مفعولاته تعالى وآياته
وأما الحكمة فمتعلقها بالنظر والفكر والإعتبار غالبا وكانت متأخرة عن متعلق القدرة
وجه ثان أن النظر في الحكمة بعد النظر في المفعول والعلم به فينتقل منه إلى النظر فيما أودعه من الحكم والمعاني
وجه ثالث أن الحكمة غاية الفعل فهي متأخرة عنه تأخر الغايات عن وسائلها فالقدرة تتعلق بإيجاده والحكمة تتعلق بغايته فقدم الوسيلة على الغاية لأنها أسبق في الترتيب الخارجي
وأما قوله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين ففيه معنى آخر سوى ما ذكره وهو أن الطهر طهران طهر بالماء من الأحداث والنجاسات وطهر بالتوبة من الشرك والمعاصي وهذا الطهور أصل لطهور الماء وطهور الماء لا ينفع بدونه بل هو مكمل له معد مهيأ بحصوله فكان أولى بالتقديم لأن العبد أول ما يدخل @

الصفحة 119