كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
والقول الثالث أنه قد سقط عنه فرض الاستقبال في هذه الحال فيصلي حيث شاء وهذا مذهب أبي محمد بن حزم واحتج بأن الله إنما فرض الاستقبال على العالم بجهة الكعبة القادر على التوجه إليها فأما العاجز عنها فلم يفرض الله عليه التوجه إليها قط فلا يجوز أن يلزم بما لا يلزمه الله ورسوله به وإذا لم يكن التوجه واجبا عليه لأن وجوبه مشروط بالقدرة صلى إلى أي جهة شاء كالمسافر المتطوع والزمن الذي لا يمكنه التوجه إلى جهة القبلة
قلت وهذا القول ارحج وأصح من القول بوجوب اربع صلوات عليه فإنه إيجاب ما لم يوجبه الله ورسوله ولا نظير له في إيجابات الشارع البتة ولم يعرف في الشريعة موضع واحد أوجب الله على العبد فيه أن يوقع الصلاة ثم يعيدها مرة اخرى إلا لتفريط في فعلها أولا كتارك الطمأنينة والمصلى بلا وضوء ونحوه وأما أن يأمره بصلاة فيصليها بأمره ثم يأمره بإعادتها بعينها فهذا لم يقع قط وأصول الشريعة ترده وقياس هذه المسالة على مسالة الثياب وناسي صلاة من يوم قياس لمختلف فيه على مثله ولعل الكلام إلا في تينك المسألتين ايضا فلو أن حكمهما ثبت بكتاب أو سنة أو إجماع لكان في قياس عليها ما فيه بل لم يكن صحيحا لأن جهة الفرق إما مساوية لجهة الجمع أو أظهر وعلى التقديرين فالقياس منتف بقي النظر في ترجيح أحد قولي الاجتهاد والتخيير في مسألة@