كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 3)
وسر المسألة أن القرعة إنما تعمل في إنشاء التعيين الذي لم يكن لا في إظهار تعيين كائن قد نسى فهذا ما احتج به من نصر هذا القول وأما من نصر القول بالقرعة فقالوا الشارع جعل القرعة معينة في كل موضع تتساوى فيه الحقوق ولا يمكن التعيين إلا بها إذ لولاها لزم أحد باطلين إما الترجيح بمجرد الاختيار والشهوة وهو باطل في تصرفات
الشارع وإما التعطيل ووقف الأعيان وفي ذلك تعطيل الحقوق وتضرر المكلفين بما لا تأتي به الشريعة الكاملة بل ولا السياسة العادلة فإن الضرر الذي في تعطيل الحقوق أعظم من الضرر المقدر في القرعة بكثير ومحال أن تجيء الشريعة بالتزام أعظم الضررية لدفع أدناهما
وإذا عرف هذا فالحق إذا كان لواحد غير معين فإن القرعة تعينه فيسعد الله بها من يشاء ويكون تعيين القرعة له هو غاية ما يقدر عليه المكلف فالتعيين بها تعيين لتعلق حكم لما عينته فهي دليل من أدلة الشرع واجب العمل به وإن كان نفس الأمر بخلافه كالبينة والإقرار والنكول فإنها أدلة منصوبة من الشارع لفصل النزاع وإن كانت غير مطابقة لمتعلقها في بعض الصور فلهذا نصب الشارع القرعة معينة للمستحق قاطعة للنزاع
وإن تعلقت بغير صاحب الحق في نفس الامر فإن جماعة المستحقين إذا استووا في سبب الاستحقاق لم تكن القرعة ناقله لحق احدهم ولا مبطلة له بل لما لم يمكن تعميمهم كلهم ولا حرمانهم@