كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

شيء فالمالك الحق إذا ملك النفس ملك أموالها ومتعلقاتها فحسن تقديم النفس على المال في هذه الآية حسنا لا مزيد عليه الإستدلال على كلام السهيلي
لنرجع إلى كلام السهيلي فما ذكره من تقديم الغفور على الرحيم فحسن جدا وأما تقديم الرحيم على الغفور في موضع واحد وهو أول سبأ ففيه معنى غير ما ذكره يظهر لمن تأمل سياق أوصافه العلى وأسمائه الحسنى في أول السورة إلى قوله وهو الرحيم الغفور فإنه ابتدأ سبحانه السورة بحمده الذي هو أعم المعارف وأوسع العلوم وهو متضمن لجميع صفات كماله ونعوت جلاله مستلزم لها كما هو متضمن لحكمته في جميع أفعاله وأوامره فهو المحمود على كل حال وعلى كل ما خلقه وشرعه
ثم عقب هذا الحمد بملكه الواسع المديد فقال الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض سبأ 1 ثم عقبه بأن هذا الحمد ثابت له في الآخرة غير منقطع أبدا فإنه حمد يستحقه لذاته وكمال أوصافه وما يستحقه لذاته دائم بدوامه لا يزول أبدا
وقرن بين الملك والحمد على عاداته تعالى في كلامه فإن اقتران أحدهما بالآخر له كمال زائد على الكمال بكل واحد منهما فله كمال من ملكه وكمال من حمده وكمال من اقتران أحدهما بالأخر فإن الملك بلا حمد يستلزم نقصا والحمد بلا ملك يستلزم عجزا والحمد مع الملك غاية الكمال
ونظير هذا العزة والرحمة والعفو والقدرة والغنى والكرم فوسط الملك بين الجملتين فجعله محفوفا بحمد قبله وحمد بعده@

الصفحة 138