كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

تدل على النفي على الدوام واحتجوا بقوله لن تراني الأعراف 143 وعلمت بهذا أن بدعتهم الخبيثة حالت بينهم وبين فهم كلام الله كما ينبغي وهكذا كل صاحب بدعة تجده محجوبا عن فهم القرآن
وتأمل قوله تعالى لا تدركه الأبصار الأنعام 103 كيف نفى فعل الإدراك ب لا الدالة على طول النفي ودوامه فإنه لا يدرك أبدا وإن رآه المؤمنون فأبصارهم لا تدركه تعالى عن أن يحيط به مخلوق وكيف نفى الرؤية ب لن فقال لن تراني لأن النفي بها لا يتأبد وقد كذبهم الله في قولهم بتأبيد النفي ب لن بقوله وقالوا يا مالك ليقض علينا ربك الزخرف 77 فهذا تمن للموت فلو اقتضت لن دوام النفي تناقض الكلام كيف وهي مقرونة بالتأبيد بقوله ولن يتمنوه أبدا البقرة 95 ولكن ذلك لا ينافي تمنيه في النار لأن التأبيد قد يراد به التأبيد المقيد والتأبيد المطلق فالمقيد كالتأبيد بمدة الحياة مقيد كقولك والله لا أكلمه أبدا والمطلق كقولك والله لا أكفر بربي أبدا وإذا كان كذلك فالآية إنما اقتضت نفي تمني الموت أبد الحياة الدنيا ولم يتعرض للآخرة أصلا وذلك لأنهم لحبهم الحياة وكراهتهم للجزاء لا يتمنون وهذا منتف في الآخرة
فهكذا ينبغي أن يفهم كلام الله لا كفهم المحرفين له عن مواضعه قال أبو القاسم السهيلي على أني أقول إن العرب إنما تنفي ب لن ما كان ممكنا عند المخاطب مظنونا أنه سيكون فتقول له@

الصفحة 168