كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وقولهم اتقى الله امرؤ وهو كثير فجاء بلفظ الخبر الحاصل تحقيقا لثبوته وأنه مما ينبغي أن يكون واقعا ولا بد فلا يطلب من المخاطب إيجاده بل يخبر عنه به ليحققه خبرا صرفا كالإخبار عن سائر الموجودات
وفيه طريقة أخرى وهي أفقه معنى من هذه وهو أن هذا إخبار محض عن وجوب ذلك واستقرار حسنه في العقل والشريعة والفطرة وكأنهم يريدون بقولهم أنجز حر
ما وعد أي ثبت ذلك في المروءة واستقر في الفطرة وقول عمر صلى رجل في إزار ورداء الحديث // رواه البخاري // أي هذا مما وجب في الديانة وظهر وتحقق من الشريعة فالإشارة إلى هذه المعاني حسنت صرفه إلى صورة الخبر وإن كان أمرا زائدا لا يكاد يجيء الإسم بعده إلا نكرة لعموم هذا الحكم وشيوع النكرة في جنسها فلو جعلت مكان النكرة في هذه الأفعال أسماء معرفة تمخض فيها معنى الخبر وزال معنى الأمر فقلت اتقى الله زيد وأنجز عمر وما وعد فصار خبرا لا أمرا وهذا هو موضع المسألة المشهورة وهي مجيء الخبر بمعنى الأمر
مجيء الخبر بمعنى الأمر في القرآن في نحو قوله والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن ونظائره فمن سلك المسلك@

الصفحة 181