كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

واعظ لم تنفعه المواعظ
فإذا فقد هذا الأمر الناهي بفقد الحياء فهو مطيع لا محالة لداعي الغي والشهوة طاعة لا انفكاك له منها فنزل منزلة المأمور وكأنه يقول إذا لم تأتمر لأمر الحياء فأنت مؤتمر لأمر الغي والسفه وأنت مطيعه لا محالة وصانع ما شئت لا محالة فأتى بصيغة الأمر تنبيها على هذا المعنى ولو أنه عدل عنها إلى صيغة الخبر المحض فقيل إذا لم
تستح صنعت ما شئت لم يفهم منها هذا المعنى اللطيف فتأمله وإياك والوقوف مع كثافة الذهن وغلظ الطباع فإنها تدعوك إلى إنكار هذه اللطائف وأمثالها فلا تأتمر لها وقوع المستقبل بلفظ الأمر
أما وقوع الفعل المستقبل بلفظ الأمر في باب الشرط نحو قم أكرمك أي إن تقم أكرمك فقيل حكمته أن صيغة الأمر تدل على الإستقبال فعدلوا إليها إيثارا للخفة وليست هذه العلة مطردة فإن الأفعال المختصة بالمستقبل لا يحسن إقامة لفظ الأمر مقام أكثرها نحو سيقوم وسوف يقوم ولن تقوم وأريد أن يقوم
ولكن أحسن ما ذكروه أن يقال في قوله قم أكرمك فائدتان ومطلوبان أحدهما جعل القياس سببا للإكرام ومقتضيا له اقتضاء الأسباب لمسبباتها والثاني كونه مطلوبا للآمر مرادا له وهذه الفائدة لا يدل عليها الفعل المستقبل فعدل عنه إلى لفظ الأمر تحقيقا له وهذا واضح جدا وقوع المستقبل بلفظ الماضي
وأما وقوع المستقبل بعد حرف الجزاء بلفظ الماضي مع أن@

الصفحة 183