كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الموضع للمستقبل فقد علل بنحو هذه العلة وأن الإرادة لا تدل على الإستقبال فعدلوا إلى الماضي لأنه أخف وهي أيضا غير مطردة ولا مستقلة ولو لم ينقض عليهم إلا بسائر الأدوات التي لا يكون الفعل بعدها إلا مستقبلا ومع ذلك لا يقع بلفظ الماضي
وأحسن مما ذكروه أن يقال عدل عن المستقبل هنا إلى صيغة الماضي إشارة إلى نكتة بديعة وهي تنزيل الشرط بالنسبة إلى الجزاء منزلة الفعل الماضي فإن الشرط لا يكون سابقا للجزاء متقدما عليه فهو ماض بالإضافة إليه
ألا ترى أنك إذا قلت إن اتقيت الله أدخلك جنته فلا يكون إلا سابقا على دخول الجنة فهو ماض بالإضافة إلى الجزاء فأتوا بلفظ الماضي تأكيدا للجزاء وتحقيقا لأن الثاني لا يقع إلا بعد تحقق الأول ودخوله في الوجود وأنه لا يكتفي فيه بمجرد العزم وتوطين النفس عليه الذي في المستقبل بل لا سبيل إلى نيل الجزاء إلا بتقدم الشرط عليه وسبقه له فأتى الماضي لهذه النكتة البديعة مع أمنهم اللبس بتحصين أداة الشرط لمعنى الإستقبال فيهما يبقى أن يقال فهذا تقرير حسن في فعل الشرط فما الذي حسن وقوع الجزاء المستقبل من كل وجه بلفظ الماضي
إذا قلت@

الصفحة 184