كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وهممهم معلقة به دون وقوع الأفعال بمشيئة الله تعالى فإنهم لم يكونوا يشكون في ذلك ولا يرتابون
وأكد هذا المعنى تقديم الجزاء على الشرط وهو إما نفس الجزاء على أصح القولين دليلا كما تقدم تقريره وإما دال على الجزاء وهو محذوف مقدر تأخيره وعلى القولين فتقدم الجزاء أو تقديم ما يدل عليه اعتناء بأمره وتجريدا للقصد إليه
ويدل عليه أيضا تأكيده باللام المؤذنة بالقسم المضمر كأنه قيل والله لتدخلن المسجد الحرام فهذا كله يدلك على أنه هو المقصود المعنى به ومثل هذا قوله تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم إبراهيم 7 ونحوه ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك الإسراء 86 ومثله لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله الإسراء 88 وهذا أصل غير منخرم وفيه نكتة حسنة وهي اعتماد الكلام في هذا النوع على القسم كما رأيت فحسن الإتيان بلفظ الماضي إذ القسم أولى به لتحققه ولا يكون الإلغاء مستشنعا فيه لأنه مبني
ولما كان الفعل بعد حرف الجزاء يقع بلفظ الماضي لما ذكرناه من الفائدة حسن وقوع المستقبل المنفي بلم بعدها نحو وإن لم تنتهوا وهما جازمتان ولا يجتمع جازمان كما لا يجتمع في شيء من الكلام عاملان من جنس واحد ولكن لما كان الفعل بعدها ماضيا في المعنى وكانت متصلة به حتى كأن صيغته صيغة الماضي لقوة الدلالة عليه بلم جاز وقوعه بعد إن وكان @

الصفحة 187