كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فتدبر السياق تجده نقيضا لما وقع فإن الآيات التي في يونس سيقت مساق الإحتجاج عليهم بما أقروا به ولم يمكنهم إنكاره من كون الرب تعالى هو رازقهم ومالك أسماعهم وأبصارهم ومدبر أمورهم وغيرها ومخرج الحي من الميت والميت من الحي
فلما كانوا مقرين بهذا كله حسن الإحتجاج به عليهم إن فاعل هذا هو الله الذي لا إله غيره فكيف يعبدون معه غيره ويجعلون له شركاء لا يملكون شيئا من هذا ولا يستطيعون فعل شيء منه ولهذا قال بعد أن ذكر ذلك من شأنه تعالى فسيقولون الله يونس 31 أي لا بد أنهم يقرون بذلك ولا يجحدونه فلا بد أن يكون المذكور مما يقرون به
والمخاطبون المحتج عليهم بهذه الآية إنما كانوا مقرين بنزول الرزق من قبل هذه السماء التي يشاهدونها بالحس ولم يكونوا مقرين ولا عالمين بنزول الرزق من سماء إلى سماء حتى تنتهي إليهم ولم يصل علمهم إلى هذا فأفردت لفظ السماء هنا فإنه لا يمكنهم إنكار مجيء الرزق منها لا سيما والرزق ههنا إن كان هو المطر فمجيئه من السماء التي هي السحاب فإنه يسمى سماء لعلوه وقد أخبر سبحانه أنه بسط السحاب في السماء بقوله الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء الروم 48 والسحاب@

الصفحة 205