كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

خلفه وعن يمينه وعن شماله ولا يحسن هنا عن يمينهم وعن شمالهم بل الجمع ههنا من مقابلة الجملة بالجملة المقتضى توزيع الأفراد
ونظيره فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق المائدة 6 وقد قال بعض الناس إن الشمال إنما جمعت في الظلال وأفرد اليمين لأن الظل حين ينشأ أول النهار يكون في غاية الطول يبدو كذلك ظلا واحدا من جهة اليمين ثم يأخذ في النقصان وأما إذا أخذ في جهة الشمال فإنه يتزايد شيئا فشيئا والثاني منه غير الأول فلما زاد منه شيئا فهو غير ما كان قبله فصار كل جزء منه كأنه ظل فحسن جمع الشمائل في مقابلة تعدد الظلال وهذا معنى حسن المشرق والمغرب بين الجمع والتثنية والإفراد
ومن هذا المعنى مجيء المشرق والمغرب في القرآن تارة مجموعين وتارة مثنيين وتارة مفردين لاختصاص كل محل بما يقتضيه من ذلك فالأول كقوله فلا أقسم برب المشارق والمغارب المعارج 40 والثاني كقوله رب المشرقين ورب المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان الرحمن 17 والثالث كقوله رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا المزمل 9 فتأمل هذه الحكمة البالغة في تغاير هذه المواضع في الإفراد والجمع والتثنية بحسب موادها يطلعك على عظمة القرآن الكريم وجلالته وأنه تنزيل من حكيم حميد@

الصفحة 211