كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وأخبر أنه رفع هذه ووضع هذه ووسط بينهما ذكر الميزان ثم ذكر العدل والظلم في الميزان فأمر بالعدل ونهى عن الظلم ذكر نوعي الخارج من الأرض وهما الحبوب والثمار ثم ذكر خلق نوعي المكلفين وهما نوع الإنسان ونوع الجان ثم ذكر نوعي المشرقين ونوعي المغربين ثم ذكر بعد ذلك البحرين الملح والعذب فتأمل حسن تثنية المشرق والمغرب في هذه السورة وجلالة ورودهما لذلك وقدر موضعهما اللفظ مفردا ومجموعا تجد السمع ينبو عنه ويشهد العقل بمنافرته للنظم ثم تأمل ورودهما مفردين في سورة المزمل لما تقدمهما ذكر الليل والنهار فأمر رسوله بقيام الليل ثم أخبره أن له في النهار سبحا طويلا فلما تقدم ذكر الليل وما أمر به فيه وذكر النهار وما يكون منه فيه عقب ذلك بذكر المشرق والمغرب اللذين هما مظهر الليل والنهار فكان ورودهما مفردين في هذا السياق أحسن من التثنية والجمع لأن ظهور الليل والنهار هما واحد فالنهار أبدا يظهر من المشرق والليل أبدا يظهر من المغرب ثم تأمل مجيئهما مجموعين في سورة المعارج في قوله فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين المعارج 40 41 لما كان هذا القسم في سياق سعة ربوبيته وإحاطة قدرته والمقسم عليه أرباب هؤلاء والإتيان بخير منهم ذكر المشارق والمغارب لتضمنهما انتقال الشمس التي هي أحد آياته العظيمة الكبيرة ونقله سبحانه لها وتصريفها كل يوم في مشرق ومغرب فمن فعل هذا كيف @

الصفحة 213