كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
فإذا قلت أزيد عندك أم عمرو كأنك قلت إيهما عندك وإذا قلت أزيد عندك أم عندك عمرو كان كل واحد منهما جملة مستقلة بنفسها وأنت سائل
هل عنده زيد أو لا ثم استأنفت سؤالا آخر هل عندك عمرو أم لا فتأمله فإنه من دقيق النحو وفقهه ولذلك سميت متصلة لاتصال ما بعدها بما قبلها وكونه كلاما واحدا
وفي السؤال بها معادلة وتسوية فأما المعادلة فهي بين الإسمين أو الفعلين لأنك جعلت الثاني عديل الأول في وقوع الألف على الأول وأم على الثاني وأما التسوية فإن الشيئين المسؤول عن تعيين أحدهما مستويان في علم السائل وعلى هذا فقوله تعالى أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها هو على التقرير والتوبيخ والمعنى أي المخلوقين أشد خلقا وأعظم
ومثله أهم خير أم قوم تبع الدخان 37
فإن قيل هذا ينقض ما أصلتموه فإنكم ادعيتم أنها إنما يسأل بها عن تعيين ما علم وقوعه وهنا لا خير فيهم ولا في قوم تبع
قيل هذا لا ينقض ما ذكرناه بل يشده ويقويه فإن مثل هذا الكلام يخرج خطابا على تقرير دعوى المخاطب وظنه أن هناك خيرا ثم يدعي أنه هو ذلك المفصل فيخرج الكلام معه والتقريع والتوبيخ على زعمه وظنه أي ليس الأمر كما زعمتم وهذا كما تعاقب شخصا على ذنب لم يفعله مثله وتدعي أنك لا تعاقبه فتقول أنت خير أم فلان وقد عاقبته بهذا الذنب ولست خيرا منه @