كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

جاهدوا منكم آل عمران 142 أي أحسبتم أن تدخلوا الجنة بغير جهاد فتكونوا جاهلين أم لم تحسبوا ذلك فتكونوا مفرطين
وكذلك إذا قلت أم حسبت أن تنال العلم بغير جد واجتهاد معناه أحسبت أن تناله بالبطالة والهوينا فأنت جاهل أم لم تحسب ذلك فأنت مفرط
وكذلك أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات الجاثية 21 أي أحسبوا هذا فهم مغترون أم لم يحسبوه فما لهم مقيمون على السيئات وعلى هذا سائر ما يرد عليك من هذا الباب
وتأمل كيف يذكر سبحانه القسم الذي يظنونه ويزعمونه فينكره عليهم وأنه مما لا ينبغي أن يكون ويترك ذكر القسم الآخر الذي لا يذهبون إليه فتردد الكلام بين قسمين فيصرح بإنكار أحدهما وهو الذي سيق لإنكاره ويكتفي منه بذكر الآخر وهذه طريقة بديعة عجيبة في القرآن نذكرها في باب الأمثال وغيرها وهي من باب الإكتفاء عن غير الأهم بذكر الأهم لدلالته عليه فأحدهما مذكور صريحا والآخر ضمنا ولذلك أمثلة في القرآن يحذف منها الشيء للعلم بموضعه فمنها قوله تعالى وإذ قلنا البقرة 34 وإذ نجيناكم البقرة 49 وإذ فرقنا البقرة 50 وهو كثير جدا بواو العطف من غير ذكر عامل يعمل في إذ لأن الكلام في سياق تعداد النعم وتكرار الأقاصيص فيشير بالواو العاطفة إليها كأنها مذكورة في اللفظ لعلم المخاطب بالمراد ولما خفي هذا على بعض ظاهرية @

الصفحة 360