كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

وكذلك الكفار لو كان عندهم لا تعقل إلا في الجارحة لتعلقوا بها في دعوى التناقض واحتجوا بها على الرسول ولقالوا له زعمت أن الله تعالى ليس كمثله شيء ثم تخبر أن له يدا كأيدينا وعينا كأعينا ولما لم ينقل ذلك عن مؤمن ولا كافر علم أن الأمر كان فيها عندهم جليا لا خفيا وأنها صفة سميت الجارحة بها مجازا ثم استمر المجاز فيها حتى نسيت الحقيقة ورب
مجاز كثر واستعمل حتى نسي أصله وتركت حقيقته والذي يلوح في معنى هذه الصفة أنها قريب من معنى القدرة إلا أنها أخص منها معنى والقدرة أعم كالمحبة مع الإرادة والمشيئة وكل شيء أحبه الله فقد أراده وليس كل شيء أراده أحبه وكذلك كل شيء حادث فهو واقع بالقدرة وليس كل واقع بالقدرة واقعا باليد فاليد أخص من معنى القدرة ولذلك كان فيها تشريف لآدم
قلت أما قوله ليس كل شيء أراده فقد أحبه فهذا صحيح وهو أحد قولي الأشعري وقول المحققين من أصحابه وهذا الذي يدل عليه الكتاب والسنة والمعقول كما هو مقرر في موضعه
وأما قوله كل شيء أحبه فقد أراده فإن كان المراد أنه أراده بمعنى رضيه وأراده دينا فحق وإن كان المراد أنه أراده كونا فغير لازم فإنه سبحانه يحب طاعة عباده كلهم ولم يردها ويحب التوبة من كل عاص ولم يرد ذلك كله تكوينا إذ لو أراده لوقع فالمحبة والإرادة غير متلازمين فإنه يريد@

الصفحة 398