كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

كون ما لا يحبه ويحب ويرضى بأشياء لا يريد تكوينها ولو أرادها لوقعت وهذا مقرر في غير هذا الموضع الفرق بين ولتصنع على عيني وقوله واصنع الفلك بأعيننا
قال ومن فوائد هذه المسألة أن نسأل كيف وردت الآية الأولى ب على والآية الثانية بالياء
الجواب لا بد أن نسأل عن المعنى الذي لأجله قال تعالى ولتصنع على عيني بحرف على وقال تعالى تجري بأعيننا القمر 14 و واصنع الفلك بأعيننا هود 37 بحرف الباء وما الفرق
إن الفرق أن الآية الأولى وردت في إظهار أمر كان خفيا وإبداء ما كان مكتوما فإن الأطفال إذ ذاك كانوا يغذون ويصنعون سرا فلما أراد أن يصنع موسى عليه السلام ويغذى ويربى على حال أمن وظهور لا تحت خوف واستسرار دخلت على في اللفظ تنبيها على المعنى لأنها تعطي الإستعلاء والإستعلاء ظهور وإبداء فكأنه يقول سبحانه وتعالى ولتصنع على أمن لا تحت خوف وذكر العين لتضمنها معنى الرعاية والكلاءة
وأما قوله تعالى تجري بأعيننا القمر 14 و اصنع الفلك بأعيننا هود 37 فإنه إنما يريد برعاية منا وحفظ ولا يريد إبداء شيء ولا إظهاره بعد كتم فلم يحتج في الكلام إلى معنى على بخلاف ما تقدم هذا كلامه ولم يتعرض رحمه الله تعالى لوجه الإفراد هناك والجمع هنا وهو من ألطف معاني الآية
والفرق بينهما يظهر من الإختصاص الذي خص به موسى في قوله تعالى واصطنعتك لنفسي طه 41 @

الصفحة 399