كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

قيل فيه نكتة بديعة وهي أن الحكم قد يعلق بالنكرة السابقة فتذكر ويكون الكلام في معرض أمر معين من الجنس مدحا أو ذما فلو اقتصر على ذكر المعرفة لاختص الحكم به ولو ذكرت النكرة وحدها لخرج الكلام عن التعرض لذلك المعين فلما أريد الجنس أتى بالنكرة ووضعت إشعارا بتعليق الحكم بالوصف ولما أتي بالمعرفة كان تنبيها على دخول ذلك المعين قطعا
ومثال ذلك قوله تعالى لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة العلق 16 فإن الآية كما قيل نزلت في أبي جهل ثم تعلق حكمها بكل من اتصف به فقال لنسفعن بالناصية تعيينا ناصية كاذبة لعدمه وتنبيها ولذلك اشترط في النكرة في هذا الباب أن تكون منعوتة لتحصيل الفائدة المذكورة وليتبين المراد
وأما قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا النحل 73 ففيها قولان أحدهما أن شيئا بدل من رزقه ورزقا أبين من شيئا لأنه أخص منه والأخص أبين من الأعم وجاز هذا من أجل تقدم النفي لأن النكرة إنما تفيد بالإخبار عنها بعد النفي فلما اقتضى النفي العام ذكر الإسم العام الذي هو أنكر النكرات ووقعت الفائدة به من أجل النفي صلح أن يكون بدلا من رزق
ألا ترى أنك لو طرحت الإسم الأول واقتصرت على الثاني لم يكون إخلالا بالكلام @

الصفحة 404