كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

قوله اهدنا الصراط المستقيم فإنه لما تقرر عند المخاطبين أن لله
صراطا مستقيما هدي إليه أنبياءه ورسله وكان المخاطب سبحانه المسئول من هدايته عالما به دخلت اللام عليه فقال اهدنا الصراط المستقيم وقال السهيلي إن قوله تعالى ويهديك صراطا مستقيما نزلت في صلح الحديبية وكان المسلمون قد كرهوا ذلك الصلح ورأوا أن الرأي خلافه وكان الله تعالى عما يقولون ورسوله أعلم فأنزل الله على رسوله هذه الآية فلم يرد صراطا مستقيما في الدين وإنما أراد صراطا في الرأي والحرب والمكيدة وقوله تبارك وتعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم أي تهدي من الكفر والضلال إلى صراط مستقيم
ولو قال في هذا الموطن إلى الصراط المستقيم لجعل للكفر وللضلال حظا من الإستقامة إذ الألف واللام تنبيء أن ما دخلت عليه من الأسماء الموصلة أحق بذلك المعنى مما تلاه في الذكر أو ما قرب به في الوهم ولا يكون أحق به إلا أن يكون في الآخر طرف منه وغير خاف ما في هذين الجوابين من الضعف والوهن
أما قوله أن المراد بقوله ويهديك صراطا مستقيما في الحرب والمكيدة فهضم لهذا الفضل العظيم والحظ الجزيل الذي امتن الله به على رسوله وأخبر النبي أن هذه الآية أحب إليه من الدنيا @

الصفحة 413