كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
مصدقا لما بين يديه من كتاب موسى وغيره فكان فيه كالنبأ عن رسول الله في قوله لقومه ما كنت بدعا من الرسل أي لم أكن أول رسول بعث إلى أهل الأرض بل قد تقدمت رسل من الله إلى الأمم وإنما بعثت مصدقا لهم بمثل ما بعثوا به من التوحيد والإيمان فقال مؤمنوا الجن إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق
مستقيم أي إلى سبيل مطروق قد مرت عليه الرسل قبله وإنه ليس بدع كما قال في أول السورة نفسها فاقتضت البلاغة والإعجاز لفظ الطريق لأنه فعيل بمعنى مفعول أي مطروق مشت عليه الرسل والأنبياء قبل فحقيق على من صدق رسل الله وآمن بهم أن يؤمن به ويصدقه فذكر الطريق ههنا إذا أولى لأنه أدخل في باب الدعوة والتنبيه على تعين أتباعه والله أعلم ثم رأيت هذا المعنى بعينه قد ذكره السهيلي فوافق فيه الخاطر الخاطر فصل إضافة الصراط إلى الموصول المبهم
وأما المسألة الرابعة وهي إضافته إلى الموصول المبهم دون أن يقول صراط النبيين والمرسلين ففيه ثلاث فوائد
إحداها إحضار العلم وإشعار الذهن عند سماع هذا فإن استحقاق كونهم من المنعم عليهم هو بهدايتهم إلى هذا الصراط فبه صاروا من أهل النعمة وهذا كما يعلق الحكم بالصلة دون الإسم الجامد@
الصفحة 418
1994