كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
الخبز وأطعمته وكذلك جرع الماء وأجرعته وكذلك بلع وشم وسمع وذلك لأنها كلها تجعل في الفاعل منها صفة في نفسه غير خارجة عنه ولذلك جاءت أو أكثرها على فعل بكسر العين مشابهة لباب فزع وحذر وحزن ومرض إلى غير ذلك مما له أثر في باطن الفاعل وغموض معنى ولذلك كانت حركة العين كسرة لأن الكسرة خفض للصوت وإخفاء له فشاكل اللفظ المعنى
ومن هذا لبس الثوب وألبسته إياه لأن الفعل وإن كان متعديا فحاصل معناه في نفس الفاعل كأنه لم يفعل بالثوب شيئا وإنما فعل بلابسه ولذلك جاء على فعل مقابلة عري وقالوا كسوته الثوب ولم يقولوا أكسيته إياه وإن كان اللازم منه كسى
ومنه واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فهذا من كسي يكسي لا من كسا يكسو وسر ذلك أن الكسوة ستر للعورة فجاء على وزن سترته وحجبته فعدوه بتغيير الحركة لا بزيادة الهمزة
وأما أكل وأخذ وضرب فلا ينقل لأن الفعل واقع بالمفعول ظاهر أثره فيه غير حاصل في الفاعل منه صفة فلا تقول أضربت زيدا عمرا وأقتلته خالدا لأنك لم تجعله على صفة في نفسك كما تقدم@