كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم فربما كانوا يعرفونهم ولا يعلمونهم أعداء لهم فيتعلق العلم بالصفة المضافة إلى الموصوف لا بعينه وذاته قال هذا وإنما مثل من يقول إن علمت بمعنى عرفت من أجل أنها متعدية إلى مفعول واحد في اللفظ كمثل من يقول إن سألت يتعدى إلى غير العقلاء بقولهم سألت الحائط وسألت الدار ويحتج بقوله واسأل القرية يوسف 82 قال وإنما هذا جهل بالمجاز والحذف وكذلك ما تقدم وليس ما قاله هؤلاء بقوى فإن الله سبحانه نفى عن رسوله معرفة أعيان أولئك المنافقين هذا صريح اللفظ وإنما جاء نفي معرفة نفاقهم من جهة اللزوم فهو كان يعلم وجود النفاق في أشخاص معينين وهو موجود في غيرهم ولا يعرف أعيانهم وليس المراد أن أشخاصهم كانت معلومة له معروفة عنده وقد انطووا على النفاق وهو لا يعلم ذلك فيهم فإن اللفظ لم يدل على ذلك بوجه
والظاهر بل المتعين أنه لو عرف أشخاصهم لعرفهم بسيماهم وفي لحن القول ولم يكن يخفى عليه نفاق من يظهر له الإسلام ويبطن عداوته وعداوة الله عز و جل
والذي يزيد هذا وضوحا الآية الأخرى فإن قوله ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم فيهم قولان
أحدهما أنهم الجن المظاهرون لأعدائهم من الإنس على محاربة الله ورسوله وعلى هذا فالآية نص في أن العلم فيها بمعنى المعرفة ولا يمكن أن يقال إنهم كانوا عارفين بأشخاص أولئك @

الصفحة 488