كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)
فإذا غير إحساسه حتى صار يرى الساكن متحركا والمتصل منفصلا والميت حيا فما المحيل لأن يغير صفات نفسه حتى يجعل المحبوب إليه بغيضا والبغيض محبوبا وغير ذلك من التأثيرات
وقد قال تعالى عن سحرة فرعون إنهم سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم الأعراف 116 فبين سبحانه أن أعينهم سحرت وذلك إما أن يكون لتغيير حصل في المرئي وهو الحبال والعصي مثل أن يكون السحرة استعانت بأرواح حركتها وهي الشياطين فظنوا أنها تحركت بأنفسها وهذا كما إذا جر من لا يراه حصيرا أو بساطا فترى الحصير والبساط ينجر ولا ترى الجار له مع أنه هو الذي يجره فهكذا حال الحبال والعصي التبستها الشياطين فقلبتها كتقلب الحية فظن الرائي أنها تقلبت بأنفسها والشياطين هم الذين يقلبونها وإما أن يكون التغيير حدث في الرائي حتى رأي الحبال والعصي تتحرك وهي ساكنة في أنفسها ولا ريب أن الساحر يفعل هذا وهذا فتارة يتصرف في نفس الرأي وإحساسه حتى يرى الشيء بخلاف ما هو به وتارة يتصرف في المرئي باستعانته بالأرواح الشيطانية حتى يتصرف فيها
وأما ما يقوله المنكرون من أنهم فعلوا في الحبال والعصي ما أوجب حركتها ومشيها مثل الزئبق وغيره حتى سعت فهذا باطل من وجوه كثيرة فإنه لو كان كذلك لم يكن هذا خيالا بل حركة حقيقية ولم يكن ذلك سحرا لأعين الناس ولا يسمى ذلك سحرا بل صناعة من الصناعات المشتركة وقد قال تعالى فإذا حبالهم@