كتاب بدائع الفوائد - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

عليه قلب معناه إلى الإستقبال وبقي لفظه على حاله والتقدير الأول أفقه في العربية لموافقته تصرف العرب في إقامتها الماضي مقام المستقبل وتنزيلها المنتظر منزلة الواقع المتيقن نحو أتى أمر الله النحل 1 و نفخ في الصور يس 51 ونظائره فإذا تقرر ذلك في الفعل المجرد فليفهم مثله المقارن لأداة الشرط وأيضا فإن تغيير الألفاظ أسهل عليهم من تغيير المعاني لأنهم يتلاعبون بالألفاظ مع محافظتهم على المعنى وأيضا فإنهم إذا أعربوا الشرط أتوا بأداته ثم أتبعوها فعله يتلوه الجزاء فإذا أتوا بالأداة جاءوا بعدها بالفعل وكان حقه أن يكون مستقبلا لفظا ومعنى فعدلوا عن لفظ المستقبل إلى الماضي لما ذكرنا فعدلوا عن صيغة إلى صيغة وعلى التقدير الثاني كأنهم وضعوا فعل الشرط والجزاء أولا ماضيين ثم أدخلوا عليهما الأداة فانقلبا مستقبلين والترتيب والقصد يأبى ذلك فتأمله القصد في الإستقبال
المسألة الثانية قال تعالى عن عيسى عليه الصلاة و السلام إن كنت قلته فقد علمته المائدة 16 فهذا شرط دخل على ماضي اللفظ وهو ماضي المعنى قطعا لأن المسيح إما أن يكون هذا الكلام قد صدر منه بعد رفعه إلى السماء أو يكون حكاية ما يقوله يوم القيامة
وعلى التقديرين فإنما تعلق الشرط وجزاؤه بالماضي@

الصفحة 78